لماذا عدت؟!
شعور لا أعرف وصفه هذا الذي يحيطني ..
لا أعرف إن كان إحساس بالسعادة أو الحزن ..
لا أعرف إن كان اضطراب أو حب ..
لا أعرف ما هو ..
كل ما أعرفه أن دموعي تنساب على وجنتيّ دون وعياً مني ..
وفؤادي يتفطر ألماً ..
وصورة واحدة لا تُفارق مُخيلتي ..
مر زمنٌ منذُ آخر لحظة كنت معي فيها ..
مر زمنٌ على لوعتي وحزني وبكائي ..
مر زمنٌ على دموعي التي كانت تحرقُ عيناي كل ليلة ..
مر زمنُ على آهات قلبي التي كانت تُثخنها بالجِراح كلما نطقتُ بها ..
مر زمنٌ طويل منذُ أن تقبلتَ أن أُخرجك من حياتي ..
مر زمنٌ بعيد ..
كثُرت فيها دموع كاوية ..
وآهات حارقة ..
وحزنٌ سام ..
كثر فيها الأرق والقلق والضيق ..
كنتُ أسير وأنا أحمل صرخات ألم وحزن ..
صرخات كانت دائماً تُلاحقني ..
في كل لحظة تتناهَ إلى مسامعي ..
في كل ليلة تزداد قوتها ..
لم تكن ترحمني في أي وقت ..
في نومي .. مأكلي .. عملي .. حتى باختلاطي بالناس ..
كانت دائماً تتبعُني وتُحطمني ..
كنتُ أحاول السيطرة بمنع الناس من سماعها ..
كتمتها داخلي ..
فإذا هي تهزني هزاً عنيفاً ..
وتترك على ملامحي علامات ألمها وحزنها ..
كنتُ أتعذب طيلة الوقت .. وابتسامة لا تُفارق شفتاي ..
كنتُ أضحك طيلة الوقت .. ودموعٌ حارقة تكوي فؤادي ..
لم أكن أقوى على مواجهة كل هذا الموج الجارف من الألم ..
كنتُ أشعر بألم حاد يعتصر قلبي ..
كنتُ أنفجر بكاءً دون سبب ..
تحملت الكثير والكثير ..
الآم كثيرة صفعتني في كل مره ترتسم صورتك في مُخيلتي ..
في كل مره أسمع فيها أسمك ..
انهالت عليّ رياح الذكريات بوحشية ..
تقاذفتني كلمات الماضي وضحكاتها بحقد ..
تتبعتني صورتك كظل قاتل ..
وكنتُ في كل هذا وحيدة أسير ..
مر زمنٌ بعيد حتى استطعت أن أتجاوز كل ذلك ..
مر زمنٌ بعيد حتى عدت كما كنتُ سابقاً ..
مر زمنُ بعيد .. قضيتُ فيها ويلات الآلام والحزن واللوعة ..
مر زمنٌ بعيد .. بعد أن فقد قلبي حباً صادقاً لن يعود ..
مر زمنٌ بعيد ..
ولكني عدت بعدها ..
كما عهدني كل من حولي ..
عدت بعد أن مر زمنٌ بعيد حتى استطعت الوقوف شامخة كسابق عهدي ..
فلما؟!
أوبعد كل ما عانيت ..
وبعد كل ما تجاوزت ..
وبعد أن وصلت إلى ما وصلت ..
لما؟!
لما بعد هذا الزمن تعود إليّ ؟!
لما بعد هذا الزمن تتراء في طيات أيامي ؟!
بعودتك ستُعيدني إلى قاع الهاوية التي استنزفت كل قواي حتى وصلت إلى قمتها ..
ستفتح جِراح إلتئمت ..
ستُشعل نيران آلامٍ إنطفئت ..
ستدوي صرخات حُزنٍ صمتت ..
أربكني ظهورك المفاجئ في حياتي مجدداً ..
لذلك لا أعرف ماهي تلك المشاعر التي تنتابني ..
أهي سعادة .. حزن .. اشتياق .. اضطراب .. أم ماذا؟!
لماذا عدت؟!
أكنتً تُعاني مما أُعاني؟!
أم هزك الشوقُ إليّ؟!..
أم جئت تسخر مني .. وتُحيني في عذاب أقوى مما كنتُ فيه؟!
لماذا عدت؟!
أوتشعُر باضطرابي .. فتغتنمه للانتقام مني؟!
أم تشعر بإحساسي المجهول .. وتُريد أن تُهدأ من روعي؟!
لماذا عدت!
أخشى أن تُعيد الأيام نفسها ..
أخشى أن أبدأ من جديد مواجهة آلامي ..
لماذا عدت!
كان يجدر بك أن لا تعود ..
لماذا عدت !
ولكني رغم ذلك أقسم لك عزيزي ..
بأنك إن عدت لترى ما رسمته الأيام على ملامحي ..
أقسم لك أنك لن تراها ..
وإن عدت عزيزي ..
لتنتقم مني ..
أقسم لك ..
لن تسمع سوى ضحكة ساخرة لن تُفارقني ..
وإن كنت قد عدت عزيزي ..
شوقاُ لي وحباً ..
فأقسم لك أنني باقية كما تركتني ..
ولم ولن تغيرني الأيام بمرورها ..
فلماذا عدت!