الحناء في بلاد المغرب
الحناء
الحناء.. ماكياج قديم لكنه سيبقى المنافس الدائم لمستحضرات التجميل العالمية! والحناء في المغرب لها مكانة خاصة منذ القديم، ووجودها مرتبط غالبا بالمناسبات السعيدة كالأعياد ومناسبات الزواج. وتتنوع استعمالات الحناء بين وضعه على شكل نقوش أو طلائه بشكل عادي وهذا ما يسمى بـ"التجصيصة" أو الخضاب.
وقد كان نقش الحناء في الماضي عبارة عن نقط على شكل دائري أو خطوط متداخلة أو خضاب اليدين والرجلين بأكملهما بالنسبة للمتزوجات. أما بالنسبة للعازبات فينقشن في الأعياد والأعراس فقط، ويكون النقش بالنسبة لهن في الأصابع فقط فليس بإمكانهن خضب جميع اليدين أو الرجلين حتى يتسنى للجميع معرفة العازبة من المتزوجة. كما أنه يعتبر عيبا إذا وضعت العازبة الحناء في كلتا يديها، بل إن بعض الأهالي يخافون من حدوث مكروه لها إذا قامت بذلك، وفئة أخرى تعتبر وضع العازبة للحناء في كلتا يديها ورجليها إشارة لليلة دخلتها. كما تعتبر الحناء في العرف المغربي من مستلزمات حفل الزفاف إذ لا يمكن أن يمر الحفل بدونها، بل ويخصص أول يوم من الحفل لحناء العروس تنقش في حضور صديقاتها اللواتي يحرصن على وضع شيء ولو قليل من حناء العروس تفاؤلا بقدوم عريس لهن أيضا، كما يقوم العريس بطلاء يده اليمنى ولا يمكن التخلي عن هذه العادة. حناء بعود الكبريت تحكي لنا أمينة، سيدة مغربية، عن طرق وضع الحناء والمواد المستخدمة فيها: " كنا في الماضي نخلط الحناء مع القليل من عصير الحامض فنضعه غالبا على شكل خضاب لجميع اليدين والرجلين ونتركه حتى اليوم التالي لتتم نضارته وبريقه. أما اليوم فقد استبدل الحامض بمحلول "الدوليا"، وهو خطير على الجلد بحيث تحس المرأة بألم شديد وهي تضعه على جلدها."، وعلى الرغم من هذا الألم فمعظم السيدات يصبرن ويفضلن وضع هذا المحلول مع الحناء لتكون النتيجة مرضية ويعطي لوناً داكناً، ولتصبير أنفسهن يرددن المثل الشعبي.. "اللي بغا الزين يصبر لتقيب الودنين"، يعني من يريد الجمال لابد أن يصبر على الألم. وتكمل أمينة: "وقد كنا نستعمل في النقش عود رقيق أو أحد أعواد الكبريت أو إبرة بعد أن يتم كسر رأسها نحاول أن نرسم به بعض الخطوط والدوائر غير أن الشوكة الطبية سهلت الأمر على نقاشات هذا الزمان" هاتي يدك أولاً كان النقش بالحناء عادة يتم في المنازل الشعبية أو تستدعى النقاشة، وهي امرأة مختصة في التزيين بالحناء، للبيت للقيام بهذه المهمة. أما اليوم وأنت تتجول في مدن المغرب تجد النقاشات في كل شوارع المدينة يدعين الزبونات للنقش، وهن يحملن "كتالوجات" وصور حتى يتسنى للزبونة اختيار الشكل الذي يناسبها، وربما في بعض الحالات تبدا في نقش اليد قبل الاتفاق، كخطوة إجبارية ممزوجة بابتسامة عريضة... ولسن النقاشات فقط من يتكسب من الحناء، ولكنها أصبحت تشكل نشاطاً إضافياً لصالونات الحلاقة، مما يضفي عليها إقبالا كبيرا من طرف زبوناتها بحيث توفر عليهن مشقة البحث والتنقل. تقول حفيظة صاحبة صالون حلاقة: "في السابق لم أكن أستفيد كثيرا من مهنتي كما هو الحال بالنسبة لليوم ولله الحمد، فأنا وصديقتي متعاونتان هي تقوم بالنقش وتنكيف العرائس وأنا أقوم بتسريح الشعر والتجميل". عييييب! ولأن الحناء علامة الفرح، فإن وجودها وقت الحزن أكبر عيب! فالتقاليد تعيب وضع المرأة للحناء في حالة غياب زوجها، أو في حالة موت أو مرض، وقد يصل الأمر إلى قطع الصلة بها نهائيا، ولا يمكنها في حالات الوفاة وضع الحناء إلا بعد مرور أربعين يوما. فرحة بكل الألوان، هذا ما تمثله الحناء للمجتمع المغربي، فماذا تمثل بالنسبة لمجتمعك؟