يطلب الناس مني أن أضحي .. قلت لهم لا بأس فلا بد مع الحياة من تضحية .. ولا بد عند الإختيار من تضحية , فلقد علمني أستاذي ذلك : علمني أنه عند الإختيار بين أمرين فإني أضحي بأحدهما من أجل الحصول على الآخر
وسمعت قول الله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ) لذا أظن أن التضحية سمة لصيقة بحياة كل مؤمن
في الماضي كانوا يعتقدون أن التضحية تكون بالنفس في سبيل الله وقد فعلوا .. ولا زال هذا الإعتقاد سائدا لدى القلة
التضحية تكون بالمال في زمن كثرت فيه الأنفس الشح وارتبطت فيه بالمال , فهم يضحون بنصف مالهم وربما مالهم كله وذلك من اجل الله
التضحية تكون بالجهد , بأن يبذلوا في سبيل الله كل جهدهم لنشر دعوة الإسلام وتعليم الناس وتربية الأبناء
التضحية تكون بالوقت أيضا , وذلك ببذل الوقت في سبيل الله , فيختاروا أفضل أوقاتهم لله ولا يختاروا له ما تبقى
التضحية بالراحة والرخاء والسعة إلى التعب والمشقة والضيق , فالتضحية مرتبطة بالجهاد وأعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر
التضحية برفقة الأهل والأبناء والأحباب , للخروج لدعوة الله , فهم يستودعون الله أبناءهم وذويهم ويحملوا مصباح الهدى ويسيروا في سبيل الله
هم استدلوا بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ) .. فقالوا لي : لا .. لا نقصد هذا , وأخبروني .. بمفهومهم
وجدتهم يضحون .. نعم يضحون بكل شيء .. ويطالبون غيرهم بأن يضحوا مثلهم
يضحون بصحتهم , فيهلكوها في إشباع حاجاتهم وشهواتهم
يضحون بأوقاتهم , يمضون أكثر من نصف يومهم في أعمالهم والتفكير في مشاريعهم
يضحون بالجهد , يبذلون الجهد المضاعف في تكوين الثروة , أو إرضاء آمرهم من البشر وإن كان في معصية الله
يضحون بأنفسهم , في سبيل متع زائلة وأموال ذاهبة , وربما فكرة عابثة
و يضحون أيضا بـ
أهلهم , فلا يقدموا لهم الحد الأدنى من الرعاية اللازمة
أبناءهم , فيهملوا في تربيتهم وبعد فسادهم يتساءلون : ترى مم هذا !!؟؟
دينهم , لا وقت له عندهم , فالدين في المسجد , إن وجد
وفي سبيل من هذه التضحية ؟؟
فلن يضحي أحد في سبيل الله بدين الله
ربما ضحوا بذلك من أجل كرسي زائل
أو عمل منقطع
أو شخص لا يملك من أمره شيء
أو جاه يرجون به علوا
أو سلطان يرجون به حكما
أو مال يريدون به كنزا
نعم هم يقولون أنهم يضحون ,, الاسم هو ولكن تغير مفهومه
وأصبحنا نُسأل .. ما المقابل لتضحيتك ؟؟
من الذي أخبرك أن تضحيتك حلال ؟؟ ألا يمكن أن تتضحي وتذهب تضحيتك هدرا ؟؟
فمقابل تضحيتنا والأمر بها مكتوب في قرآننا : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) , أظنه مقابل يحتاج لتضحية
لماذا لا تعيش مثلما يعيش غيرك ؟؟
أنا لست وحيدا فحياتي كحياة غيري الكثير , فالرسول صلى الله عليه وسلم ضحى بالكثير من أجل الدعوة وكذلك الصحابة ودعاة المسلمين , جميعهم ضحوا لأن طريق الدعوة وما فيها من صعاب وعقبات تحتاج لتضحية , لذا أنا لست وحيدا فميراثي وصلني من الرسول صلى الله عليه وسلم , ربما الآية تفهمك ما أقصد فقد قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ) .. فأنا على العهد .. هم السابقون ونحن إن شاء الله بهم لاحقون
لماذا لا تكفون أيديكم وألسنتكم فيكفوا أيديهم عنكم ؟؟
أسمعت عن عهد توقف فيه الكيد للإسلام والمسلمين ؟؟ حتى في لحظات قوة المسلمين لم يتوقف الكيد لهم , ربما اختفى قليلا ولكنه موجود , فما يضرني عملي ففي كل الأحوال المسلمون مكاد لهم ؟؟ , فلربما أعيد بعضا مما قد ذهب
ما المقابل إذا سجنتم ونهبت أموالكم ؟؟
ما المقابل إذا تغربتم وفارقتم الأهل والأحباب من أجل قولكم كلمة ؟؟
ما المقابل إذا أوذيتم واضطهدتم ؟؟
قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) .. القادر على بيع نفسه لله , قادر على بيع حريته ووطنه وأهله وصحته لله , هو بيع دون بيع وتضحية دون تضحية , فمن ضحى بوطنه لم يضح به لعدم أهميته إنما هي أولويات فربما ضحى بوطنه خوفا على نفسه الفتنة أو فارا بدينه وربما ضحى بأبنائه بدفعهم للدعوة والعمل أو تركهم والخروج للدعوة , وأخيرا وليس آخرا فالله يجزي الجزاء الأوفى فهو القائل: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) والقائل (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) , فأي شيء أبذله صغيرا أو كبيرا فلي به أجر فهو القائل : (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين. ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون)
لماذا لا تعملون منفردين ؟؟ فربما عملك مع البعض يجلب لك الشؤم والأذى فيزيد البلاء عليك ؟؟
نعم صدقت , فربما عملي وحياتي مع البعض يجلب لي الأذى , ولكن عندما يكون من أعمل معهم يتقون الله , يعينوني على نفسي أولا وعلى الخير , يعينوني على البر والنجاح يعينوني على رضا الله , يعملون على تحكيم شرع الله وإعلاء كلمة الله في الأرض , وقد قال تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) .. لذا أظنك لا تقصد هؤلاء
ربما علمتك هذه النملة معنى العمل , التضحية , الثبات , العمل في جماعة