ََ مكامن التميز َََ
هو الله الذي لا إله إلا هو ,, الذي خلق البشر وأهدى كلًّ منهم النجدين
عقلٌ يفكر ويميز الخبيث من الطيب ,, وفؤادٌ هو مخزن الشعور
وبعدله وحكمته جلّ وعلا ,, جعل فرص الخلق متساوية , وسخّر الجوارح والحواس للتبيان والمعرفة
(( إنا هديناه السبيل فإمّا شاكراً وإمّا كفورا ))
ولكن لم يُخلق الناس على صبغة واحدة , فكان منهم الخبيث والطيب والذكي والغبي , والسليم والعليل
والمتحفز والبليد , والغني والفقير , والعالم والجاهل ( كلٌّ حسب براعته في استخدام تلك الجوارح )
وقد بَرعَ البعض في تسخير تلك الإمكانات وتذليل العوائق وتطويع مقدرات الطبيعة لمزيد من الخلق
والإبداع والتجديد , فبزغ من هنا المخترعون والمستكشفون والعلماء والفقهاء
وحتى الرياضيون والفنانون والنحاتون والتجار والشعراء
أي أنهم برعوا في التنقيب بمكامن القوة والتميز فاكتسبوا تلك المنزلة الرفيعة والظهور اللامع
المميزون محط الأنظار
كل ذلك جعل أولئك محط أنظار الناس العاديين , كونهم يختلفون بطريقة حياتهم وتصرفاتهم عن البقية
وهم محل متابعة حثيثة من وسائل الإعلام والجرائد وشاشات التلفاز ,,
وهنا تظهر المشكلة
ليس بالضرورة أن يكون المميزون عقلاء مثلاً , أو ينتهجون طريقاً قويماً , أو يكون ما حققوه
من نجاح أو ثروات , بطرقٍ مشروعة , أو أنهم وجّهوا علمهم ونتاج فكرهم نحو خير المجتمع
وكذلك قد يكون المميزون ظواهر خبيثة مثل الفنانات اللواتي ظهرن بالخلاعة والتحرر من قيود
الأخلاق والعادات ,, ولكنهم بالنهاية طووايس المجتمع وشغله الشاغل ,, والعكس صحيح لما سلف .
والمشكلة هنا هي جوهر الموضوع
شغف التقليد وجعل الذات مُستنسخة لشخصيةٍ ما , مهما كان لونها أو طابعها
وهذه إحدى سمات النفس البشرية التي تتطلع دائماً لمحاكاة المحيط والانجرار للظواهر الرنّانة
وهي غريزة البشر وحب إتبّاع المحظورات ,,
أي أن الشخص الذي فقدَ خاصيةً معينة أو مايراه هو نعمة لم يظفر بها ,, يحاول أن يعوّضها بتقليد
غيره أو حتى أنه يحلم بأن يكون على شاكلته ,, مع انه كما أسلفنا هو السبب المباشر بذلك التخلف عن
باقي أقرانه من المجتمع المحيط ,,
ََ ظاهرة التقليد بين الخطأ والصواب ََ
لا يخفى على الكثيرين أن هذه النزعة موجودة عند غالبية الناس , والتأثر بالظواهر سمة عادية وليست
عيباً نفسياً أو خُلقيّاً ,, ولكن أين يجب توجيهها أو حصرها ذلك هو السؤال ؟؟؟
وكيف هي طريقة معالجتها أو بمعنى أصح , ترجمتها إلى سلوك حميد ؟؟؟
(( خطأ جسيم ))
أن يتحول القصور لديك إلى عقدة نقص تجاه الآخرين , فتنظر إليهم كأنهم نجومٌ يُصعبُ عليك الوصول
إليها , ويتحول هذا القصور إلى هاجس للتبعية لهم , وتقليدهم لمجرد التقليد , وأن تعصب عيناك عن
الحقيقة فتفقدَ خصوصيتك وتدمِّر مكامن الابداع لديك , وينتهي بك المطاف إلى ضائع بين هذا وذاك
مثال بسيط : أن تنبهر بمطرب ذاع صيته فتقلّد تسريحة شعره وأسلوبه بالحديث وتصرفاته , مع أنه
مثالٌ لا يُحتذى ,, أو أن تشعر فتاة بعقدة النقص تجاه فنانة ماجنة ألهبت المشاعر بإبراز مفاتن جسدها
وبذلك أصبحت ( سوبر ستار )
(( كيف الصواب ؟؟ ))
التقليد : يجب تقويم هذه الحاسة ( إذا صح التعبير ) وجعلها ظاهرة صحيّة ,, تتقدم بك نحو الأفضل
ووسيلة لتعلم تجارب الآخرين ورصد خطواتهم التي أوصلتهم لقمة المجد ,, وأخذ القدوة من البشر
الخيّرين والمبدعين , فتسلك طريقهم وتعتقد بداخلك بجدوى تقليدهم , وتؤمن بقدراتك الذاتية التي من
شأنها أن توصلك لما تُريد ,, أي بمعنىً أصح ( استغلال مكامن القدرة والتميز لديك )
والخلاصة
كي لا يكون التقليد ظاهرة مرضية لديك
(( يجب أن يكون وسيلة لتقريبك من التميّز مع الاحتفاظ بذاتك وشخصيتك ))
تحياتي لكم