القصة الكاملة لنزول القرآن

القصة الكاملة لنزول القرآن

القصة الكاملة لنزول القرآن
بقلم: الشيخ عادل أبوالعباس
عضو لجنة الفتوي بالأزهر
يقول الله تعالي: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان".
في شهر رمضان. وفي ليلة من لياليه المباركة نزل الكتاب المعجزة علي قلب النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم ليكون نورا وهداية للبشرية علي مر العصور وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها. بل ليستمر مع الإنسان الذي أتخذه نبراسا بعد أن يقوم الناس لرب العالمين ليقال له: اقرأ ورتل وارتقي فإن منزلتك عندنا عند آخر آية تتلوها كما ورد في الأثر الصحيح.
وتاريخ القرآن وقصة تنزلاته من أعظم ما يجب أن نشنف به أسماعنا ونهذب من خلال معرفتنا بتفاصيلها ولو علي سبيل الإجمال قلوبنا.
فلنقف الآن علي نتف من أنباء هذه القصة قاصدين بذلك العظة والعبرة من تاريخ وقصة أكبر معجزة أهداها الرحمن لبني الإنسان عبر العصور والأزمان. يقول العلماء: نزل القرآن الكريم علي مراحل ثلاث: المرحلة الأولي: تكلم الله به وسمعه حملة العرش وسادة الملائكة ونقلوه إلي اللوح المحفوظ كاملا من أول سورة الفاتحة إلي آخر سورة الناس. وهذه المرحلة هي المعبر عنها بقول الله تعالي: "بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ" وتأتي المرحلة الثانية: وتبدأ بقرب مجيء النبي الخاتم صلي الله عليه وسلم. وفيها ينزل القرآن كاملا أيضا من أول الفاتحة إلي آخر سورة الناس من اللوح المحفوظ إلي مكان يقال له: "بيت العزة في السماء الدنيا. ثم تأتي المرحلة الأخيرة. والتي اختار الله فيها نبيه محمدا صلي الله عليه وسلم ليكون رحمة للعاملين. فينزل القرآن علي قلبه في هذه المرة إلي بني البشر مفرقا ومنجما حسب الحوادث والأحوال بادئا بالآيات الأولي من سورة "العلق" "اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم" ثم يتواصل إلي التمام وجبريل يرتبه له علي ما كان عليه في المرحلتين الأوليين قائلا له: ضع آية كذا في مكان كذا في سورة كذا. وكان يعارضه به في كل رمضان يتلو هو والنبي صلي الله عليه وسلم يستمع.
وقصة التلقي لآيات القرآن تحمل قمة محافظة النبي صلي الله عليه وسلم علي الوحي الذي يتنزل علي قلبه المطهر. فقد كان جبريل ينزل عليه بالآيات وقبل أن يكمل جبريل تلاوته يتلقف منه النبي الكلمات بسرعة مذهلة مخافة أن تفوته كلمة أو حرف. فكان يتعجل الكلام ويتلقفه فنهاه الله عن ذلك بقوله: "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه" وطمأنه لأنه لن ينسي منه حرفا ولا لفظا قائلا له: "سنقرئك فلا تنسي". بل موضحا له أنه جامع له هذا الكتاب الخالد في صدره وشارحا له بعض أحكامه. فكانت القصة علي ما جاء في سورة القيامة: "لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه" والمعني انتظر حتي يقرأ جبريل ما يوحي إليك فإذا انتهي من القراءة فاتبع قراءته. ولكي تزداد اطمئنانا سنبين لك أحكام بعض ما يتلي عليك.
ومن العجب أن تنزل سورة الأنعام علي طولها كاملة فيتلوها جبريل. وينتظر النبي مستمعا إلي هذه التلاوة. وبعد أن ينتهي جبريل يتلوها رسول الله صلي الله عليه وسلم كاملة دون زيادة أو نقصان ليتحقق قول الله: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
لقد أخذ الرسول بعد ذلك يتلقي القرآن منجما مدة دعوته. وكان تنجيمه مثار اعتراض المشركين. وقد ذكر القرآن نفسه ذلك وأجاب عنه فقال في سورة الفرقان: "وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا" وقال في سورة الإسراء: "وقرآنا فرقناه لتقرأه علي الناس علي مكث ونزلناه تنزيلا".
ولابد أن ندرك أنه لا تنافي بين نزوله مفرقا ومنجما وبين قوله تعالي: "إنا أنزلناه في ليلة القدر" وقوله: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" وقوله: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" وذلك لصحة إطلاق القرآن علي بعضه كما قوله تعالي: "كتاب أحكمت آياته" مع العلم بأن أُخر منها متشابهات ومن أعجب العجب أن النبي الذي أنزل عليه القرآن كان أميا بنص الكتاب نفسه الذي قال: "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل" والذي خاطب النبي صلي الله عليه وسلم بقوله: "وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون".
ومع ذلك استطاع من خلال هذا الوحي المعجز أن يعلم الأمة ويجعلها خير أمة أخرجت للناس. فكان بعد نزول الوحي عليه وحفظه الآية أو السورة يبلغها الناس. ويقريء من الفائزين بشرف الصحبة. ويستحفظهم إياها.
دل علي ذلك استقرا الأحاديث الواردة بطريق الثقات من رجال الحديث الذين أصبحت كتبهم معولا عليها عند المسلمين.
ففي البخاري عن شفيق بن سلمة قال: خطبنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: "والله لقد أخذت من في رسول الله صلي الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة. والله لقد علم أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم" وغير ذلك من الأحاديث كثير ومدون في كتب الحديث المعبرة. ثم كان كل صحابي بعد الحفظ والاتقان ينشر ما حفظه. ويعلمه للأولاد والصبيان. وللذين لم يشهدوا النزول ساعة الوحي من أهل مكة والمدينة ومن حولهم من الناس. فلا يمضي يوم أو يومان إلا وما نزل محفوظ في صدور الكثيرين من الصحابة. بل لقد كان الحفظة والقراء يعرضون علي النبي صلي الله عليه وسلم القرآن ويختمونه عنده. بل كانوا يقرأون بعض القرآن بأمره صلي الله عليه وسلم.
فعن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: "اقرأ عليَّ ففتحت له سورة النساء فلما بلغت: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هؤلاء شهيدا.. رأيت عيناه تذرفان من الدمع. فقال: حسبك الآن".
هذه كما ذكرت في بداية المقال قليل من كثير ونتف من قصة هي أكبر من الزمان والمكان بل يفني الزمان والمكان وتظل هي باقية أبد الآباد. وبما أن الهدف هو مجرد العظة والاهتداء بهدي هذا الكتاب فلنتساءل: أين نحن من هذا القرآن؟!
بل أين نحن من قراءته ودراسته. واستخراج درره في شتي مناحي الاعجاز؟
بل أين نحن من قوانينه التي لو حكمناها بشكل صحيح لكان لنا شأن بين الأمم في تلك المرحلة العصيبة التي تمر بها أمتنا التي تكاثرت جراحاتها بعد أن تنكبت الصراط؟
لقد صدق من خرج بعد أن قرأ تاريخ القرآن وعرف أحكامه وعلاجاته فقال بكل صراحة ووضوح:
إذا لم يكُ القرآن أس بنائنا
هانت دعائمنا علي الهدام
فهلا تدارسنا تاريخ أعظم كتاب وعرفنا قصة أكبر معجزة. وفقهنا الهدف من نزوله لنعود كما كان الأسلاف "خير أمة أخرجت للناس".
نرجو أن نكون. لأن من نسي قديمه تاه كما يقولون!! منقول

بارك الله فيك اخي الكريم

شكرا لك على مرورك الطيب

machkur akhi bi tawfik wa anara laho tarikak

شكرا لك على مرورك الطيب

» اسهل طريقة لختم القرآن
» المكتبة الصوتية الكاملة ( دروس - محاضرات ) الشيخ خالد بن محمد الراشد بجودة عالية mp3
» أحكام القرآن للشافعي كتاب الكتروني رائع
» القرآن يصنع أهله
» أعظم إنسان في القرآن والسنة